الثلاثاء، 7 ديسمبر 2010

قطر والجزائر ضد المغرب




قراءة في الحلف السري الجزائري القطري لإضعاف المغرب وزعزعة استقراره
الشعب المغربي يشعر بغبن شديد وبألم عميق جراء دخول قطر في نزاع الجزائر المصطنع مع المغرب.

بقلم: عبدالرحمان مكاوي

دوافع المؤسسة العسكرية الجزائرية ومصالحها الإيديولوجية وأهدافها الإستراتيجية في منطقة شمال إفريقيا ودول الساحل معروفة ومدروسة ومتابعة منذ زمان من طرف المختصين في الشؤون الجزائرية. فالعسكر الجزائري يسعى إلى الهيمنة على هدا الفضاء الجغرافي الواسع الممتد من دكار إلى القاهرة. انه يعتبر هده المنطقة الحساسة منطقة أمنه القومي، ولا احد له الحق في تغيير معالمها إلا بموافقة الجنرالات الدين يحكمون الجزائر من وراء الستار. هده العقيدة العسكرية المبنية على الحقد والكراهية للمغرب والمغاربة تدرس في كافة الأكاديميات العسكرية وأكاديميات الدرك والشرطة. فلقد زرعوا الكراهية في الشباب الجزائري وأرضعوه لبنا مسموما جعلهم يتصورون ان الخطر يأتيهم من الغرب وان سبب معاناتهم وفقرهم هم المغاربة. فجنرالات الجزائر استثمروا العديد من الأموال والجهد لإضعاف المغرب وتكوين دولة مصطنعة في الصحراء تمكنهم أولا من الوصول إلى المحيط الأطلسي ومن ثم الصعود إلى المناطق المغربية الشمالية الأخرى. خطة تهدف لتكوين كيانات متناحرة متنافرة ومتضادة.

ان المشروع الجيوستراتيجي الجزائري الذي يعرف تطورا في مختلف الاتجاهات ينبغي الرد عليه ليس بالكلام وردود الفعل غير المتجانسة ولكن باليقظة والعمل والوطنية الخالصة. إننا في مفترق طرق خطير ونحتاج إلى إعادة النظر في إستراتيجياتنا المختلفة معتمدين على مقاربات وادوات جديدة لمجابهة وافشال السلوك الجزائري الطائش و المغامر. فالنقد الذاتي واجب علينا جميعا كمواطنين وكدولة. فالخطر قادم لا محالة والأعداء قد تسربوا إلى عدة بلدان في أوروبا وإفريقيا وأميركا اللاتينية. إلا إنهم فشلوا في عملية التغلغل إلى العقل العربي والى كياناته التمثيلية والشعبية والإعلامية. وهذا راجع لسبب واحد. أن العربي والمسلم كيفما كانت انتماءاته الإيديولوجية أو الدينية وحدوي بطبعه ويرفض التمزق والتشرذم. انه يحلم بالأمة الواحدة فتم إجهاض كل محاولات بعض الأقلام المرتشية في الشرق الاوسط خدمة المشروع الجزائري التضليلي في ضرب المغرب وإدخاله في دوامة من المشاكل الداخلية والخارجية.

أما بالنسبة لإمارة قطر، فالأسباب الموضوعية التي جعلت هده الدولة تساند الانفصال في المغرب سرا وتساعد ماليا وإعلاميا جبهة البوليساريو هي كالآتي:

1- أولا العداوة الازلية والقديمة بين السعودية وقطر واصطفاف المغرب إلى جانب آل سعود. فقطر دولة اقتطعت من المملكة العربية السعودية من طرف الانجليز الذين كانوا يعتبرونها كحاملة الطائرات وكقاعدة عسكرية لا غير.

فالمغرب كان دائما وأبدا حليفا للسعودية ظالمة أو مظلومة. هذا هو اساس الخلاف المغربي القطري الذي يمكن في نظري معالجته دبلوماسيا وعن طريق الحوار الهادئ والاخوي. فالسعودية قادرة على حلحلة سوء التفاهم الواقع بين المغرب وقطر.

2- على امير قطر ان يعلم ان عهد الملك محمد السادس ليس هو عهد ابيه المرحوم الملك الحسن الثاني. فالامير القطري مع الاسف الشديد لازال يحتفظ في ذاكرته ببعض الملاحظات والانتقادات الاخوية التي صدرت عن المرحوم الحسن الثاني مباشرة بعد انقلاب الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني على أبيه بمساندة الناصرين والبعثيين وجماعة الدعوة والتبليغ العالمية.

3- إن إنشاء قناة الجزيرة كان المقصود منه في الأول هو خلق سلاح اعلامي قوي لمعارضة الجار القوي المملكة العربية السعودية وإثارة النعرات القبلية والدينية فيها. كان المستهدف الأول هم عائلة آل سعود وحلفاءهم في الخليج وكذلك المملكة المغربية في شمال افريقيا. هكذا يمكن اختزال قوة قطر الدولة العربية الشقيقة في قناة الجزيرة وفي فيصل القاسم الذي يدير الصراع فعليا من وراء الستار.

4- أمير قطر العروبي الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني هو إنسان واقع تحت تأثير التيار الشعبوي الذي يتكون من اعلاميين دعاة الفوضى البناءة في الوطن العربي الكبير. فتحولت الامارة الصغيرة الى ملجأ لكل الغاضبين والفوضويين في الوطن العربي. ان التيار الشعبوي العربي النشيط الموجود في الدوحة نجح في السيطرة على القرار السياسي والاقتصادي لهدا البلد الطموح الى درجة ان كل استثمارات قطر والعائلة الأميرية وجهت الى فنزويلا وإيران وإسرائيل واوروبا وجنوب إفريقيا عوض استثمارها في الدول العربية الفقيرة والدول الإسلامية الإفريقية التي لها مواقف قريبة من السعودية.

5- إغلاق مقر قناة الجزيرة في الرباط كان قرارا سياديا سببه القسم السياسي في هده القناة الذي يديره جزائري قريب من العسكر في الجزائر. فعداوة الجزيرة للمغرب كانت مقصودة ومبرمجة ولها حسابات سياسية لنشر البلبلة والتضليل والدعاية المغرضة ضد المغرب. فالشعب المغربي الذي يرى في وحدته الترابية خطا أحمرا استغرب واندهش للبرامج المعادية اليومية له والتي تخدم مشروع الهيمنة التي تقوده المؤسسة العسكرية الجزائرية في المنطقة.

دخول قطر على خط الصراع المغربي الجزائري ومد البوليساريو بالمال والسلاح والدعاية لها مخطط ليس في مصلحة قطر ولا المغرب ولا الجزائر كذلك. ان السلوك القطري غريب ولا يعكس حتى المبادئ التي تقوم عليها عائلة آل ثاني العربية فاذا تأكدت المعلومات الواردة والمسربة من الجزائر وتندوف، فهي تعد بمثابة إعلان حرب على المغرب من مسافة بعيدة وبإمكانات كبيرة. وهذا ما لا يقبله الشعب المغربي بجميع مكوناته السياسية والثقافية والاقتصادية.

6- ان التسريبات الاستخباراتية المنشورة في زيوريخ (سويسرا) تفيد ان أمير قطر غاضب على المغرب وتوعده بمفاجأت في المستقبل القريب واهم خطوة في هذا التشنج القطري قيام الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بالزيارة المفاجأة للجزائر مباشرة بعد اعلان فوز قطر باحتضان كأس العالم لكرة القدم لسنة2022.

7- إن المغرب يعيش حربا متعددة الأطراف وبأسلحة مختلفة وفتاكة. انه يواجه آلة تدمير قوية ترنو لضرب استقراره. فالمؤسسة العسكرية الجزائرية وحلفاءها عربا وعجما تراهن على تمزيق المغرب على المدى البعيد. ولبلوغهم هذا الهدف قاموا بتوريط العديد من الدول في صراع مصطنع مجندين الكثير من أعداء المغرب في كل أرجاء العالم ومن بينهم الشعبويين في قطر. فالرئيس بوتفليقة اقسم على تمزيق العالم حول مشكل الصحراء وهو الآن يحاول من خلال الجزيرة تقسيم الرأي العام العربي المقسم سلفا. فحسب مصادر جزائرية فالشيخ حمد بن خليفة آل ثاني قد وعد بوضع كل الوسائل المادية والإعلامية في خدمة مشروع الانفصال في إقليم الصحراء. فالمال موجود والتضليل والدعاية حاضران في هذا المشهد الدرامي. فلا ينبغي أن نندهش أو نستغرب في المستقبل عما سوف تفعله قطر ضدنا. فالجزائر فتحت علينا عدة جبهات في وقت واحد، وضع اوجب علينا إعلان التعبئة العامة في صفوفنا وإبعاد كل الطفيليات من هذه الملفات الساخنة في إدارة الصراع الذي بلغ ذروته. علينا كذلك طرح كافة المشاكل التي تعرفها علاقاتنا الدولية على الطاولة في إطار حوار الرأي والرأي المعاكس وبدون عقد.

ختاما أقول لأشقائنا في قطر، إن الشعب المغربي يشعر بغبن شديد وبالم عميق جراء دخول قطر في هذا النزاع المصطنع، فكان ينتظر منكم سلوكا مشابها لما فعلتم مع السودانيين في دارفور وكذلك اللبنانيين ولكن التأثير الجزائري على القسم السياسي في قناة الجزيرة جعلكم تدخلون في حلف غير طبيعي يهدف إلى تدمير المغرب بأكمله عوض تدمير اسرائيل.

وحتى لا أنسى أتقدم إلى الشعب القطري بالتهاني الخالصة بمناسبة فوز قطر باحتضان بطولة كأس العالم لسنة 2022. انه اختيار وشرف لكل العرب والمسلمين وإن الشعب المغربي الذي صفق لهدا الانجاز، مستعد للمساهمة فيه بكل طاقاته البشرية لإنجاح هدا العرس الرياضي العالمي. وهنا أناشد أمير قطر إلى ضرورة مراجعة مواقفه من نزاع الصحراء والانسحاب سريعا من مغامرة بوتفليقة وجنرالاته. فالمستقبل لنا نحن الشعوب لا للطغاة.

عبدالرحمان مكاوي
استاذ جامعي مختص في الشؤون الاستراتيحية والعسكرية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...