الخميس، 24 نوفمبر 2011

وزير مغربي يحذر من "الغليان" إذا لم تحقق الحكومة الجديدة مطالب الشعب


وزير الثقافة المغربي بنسالم حميش

في سابقة من نوعها، وجَّه وزير الثقافة المغربي بنسالم حميش في الحكومة المنتهية ولايتها رسالة مفتوحة إلى رئيس الحكومة المقبلة، التي ستتكون بعد إجراء الانتخابات البرلمانية ليوم الجمعة، وتكليف الحزب الفائز بالمركز الأول بتشكيلها، وحذر حميش فيها من مغبة حدوث غليان شعبي، إذا لم تحقق الحكومة الجديدة مطالب الشغل والحياة الكريمة للمغاربة.

وحث وزيرُ الثقافة رئيسَ الحكومة المقبل، في الرسالة التي نشرتها صحف ومنابر مغربية، على عدم القبول بضغوطات الأحزاب المرشحة للائتلاف الحكومي المرتقب ترمي إلى ترشيحات أسماء مستلهكة لمناصب وزارية، ولا القبول بشخصيات عديمي الكفاءة وقليلي الخبرة.

وتجدر الإشارة إلى أن الفيلسوف بنسالم حميش كان من بين أكثر الوزراء المغاربة جدلا في الولاية المنتهية، بسبب "المعارك" الكثيرة التي خاضها مع العديد من المثقفين الذين أسسوا جمعية ثقافية مدنية لمناهضة الوزير والمطالبة بإقالته.

لا للأسماء المكررة

وبدأ الوزير حميش رسالته المفتوحة إلى رئيس الحكومة، المنتظَر ظهوره من الحزب الذي سيحتل الرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية المقبلة، بترجيحه أن تكون الحكومة الجديدة حكومة ائتلافية، بالقول إن الحياة السياسية بالمغرب لا تقوم بنيويا على الثنائية، أو حتى الثلاثية القطبية (يمين، يسار، وسط)، لذا فالراجح أن تكون الحكومة الجديدة بالضرورة ائتلافية، نظرا لنمط الاقتراع الانتخابي والتعدد الحزبي المفرط.

ونصح صاحب رواية "مجنون الحكم" رئيسَ الحكومة المقبلة بأن يحرص على أن ينجح في تشكيل حكومة من ضمن حلفائه الحزبيين، حكومة قوية ذات أغلبية برلمانية منسجمة ومتضامنة، لا تشوبها شوائب المزاجية والتهاون، وذلك حتى يكون الائتلاف مستوفيا لشرطي التماسك والعمل الحكومي المنتج، الملقحين ضد خطر التعثرات، بحسب تعبير الرسالة.

وأضاف حميش ـ بلهجة تتضمن صيغة اللزوم ـ بأن يمتنع رئيس الحكومة المقبل عن القبول بفرض الأحزاب المرشحة للائتلاف الحكومي أسماء "تعب مشهدنا السياسي منها، لما أمضته من سنوات طوال في ولايات وزارية، يمكن بالحجة والدليل الكشف عن أنها، عدا تصريف الأعمال العادية، لم يُجد أداؤها نفعا مؤثرا ولم تصلح ما اعوّج وعضل في قطاعات ترأسوها".

وتابع حميش أنه على رئيس الحكومة الجديد أن لا يقبل أيضا بمن سماهم عديمي الكفاءة وقليلي الخبرة والدربة و"الأبراتشيين" من أي حزب وصنف كانوا، مردفا أن هذا الموقف سيقطع الطريق على زمر الانتهازيين والوصوليين، وبالتالي يفرج عن ذوي الطاقات والمؤهلات التي يقصيها ويهمشها داخل أحزابها محترفو السياسة السياسوية والماهرون في تدبير أساليبها، من مناورة ومواربة، ومخاتلة ولغة خشبية، وحسابات ضيقة ومطامع ذاتية جامحة.

تحذير من غضب الشعب

وحذر حميش ـ في رسالته الطويلة جدا ـ من اندلاع الغليان والتأجج إذا لم تبدأ الحكومة الجديدة، بشكل تدريجي، في تحقيق مطالب الشعب، خاصة الحق في الحياة الكريمة، والحق في الشغل بالنسبة للشباب، مشيرا إلى أن هذه الحكومة المُرتقبة تأتي في خضم حراك غير مسبوق، لم يكن سببه عدوى الربيع العربي، بل جاء نتيجة الضائقات والمكبوتات المتراكمة، على حد تعبير وزير المسؤول الحكومي.

وطالب وزير الثقافة من رئيس الحكومة الجديد أن يقطع مع ما سماه "سياسة ترك الحبل على الغارب" و"دار لقمان على حالها"، باعتبار أن هذا الزمن هو للتنافسية الاقتصادية، والتكتلات الاتحادية والتعاونية، وتسارع الأحداث الجسام الفيصلية، التي من أهمها في منطقتنا "الربيع العربي"، وثورة الشعوب ضد أنظمة الظلم والطغيان.

ولعل كلام الوزير هنا يعني ضمنيا أن ما كان معمولا به في الحكومات المنصرمة، ومنها الحكومة التي تشرف ولايتها على الانقضاء، هو سن هذا الصنف من السياسة تحديدا، أي سياسة التعامل مع اليوم بيومه، وعدم تحديد استراتيجيات متكاملة لكافة القطاعات بنظرة شمولية، وإنما التعجيل بالسياسات التدبيرية الصرفة التي تواكب المدى القصير والمتوسط فقط.

وعاد حميش في رسالته ليتحدث عن ضرورة اجتثاث الفساد، الذي ظل عقودا طوالا عقبة كأداء أمام السلط التنفيذية، ومرضا خبيثا ينهش نسيجنا الاقتصادي والاجتماعي، وذلك بالرغم من مقتضيات زجرية أو وقائية ضد ضروب شتى من الفساد، كالرشوة والتلاعب بالصفقات العمومية وشراء الذمم.

ولفت حميش انتباه رئيس الحكومة الجديد إلى قطاع الثقافة، الذي يتولاه شخصيا منذ بضع سنوات، مبرزا أن لا ينبغي اعتبار الثقافة نشاطا ثالثيا غير منتج، أو ترفا لتزجية فترات الفراغ، مردفا أنه على وزير الثقافة المقبل أن يستجيب لهذه التحولات ويضطلع بمهامها، ولو كرهت لوبيات الريع والابتزاز والسمسرة"، على حد تعبير الوزير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...